* وصية فؤاد حجازي: "إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وإبتهاج، يجب إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة. إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية"
محمد جمجوم، فؤاد حجازي، عطا الزير قصة هؤلاء الأبطال الثلاثة بدأت بثورة ولم تنته حتى اليوم، بدأت عندما إعتقلت قوات الشرطة البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين إثر ثورة البراق، هذه الثورة التي بدأت عندما نظم قطعان المستوطنين مظاهرة ضخمة بتاريخ 14 آب 1929 بمناسبة "ذكرى تدمير هيكل سليمان" أتبعوها في اليوم التالي 15/آب بمظاهرة كبيرة في شوارع القدس لم يسبق لها مثيل حتى وصلوا إلى حائط البراق "مايسمى بحائط المبكى اليوم" وهناك رفعوا العلم الاسرائيلي وراحوا ينشدون "النشيد القومي الاسرائيلي" وشتموا المسلمين... وكان اليوم التالي هو يوم الجمعة 16/آب والذي صادف ذكرى المولد النبوي الشريف، فتوافد المسلمين للدفاع عن حائط البراق الذي كان في نية اليهود الاستيلاء عليه.. تصوير: أمين بشير
وقامت قوات الشرطة باعتقال 26 فلسطينياً ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق وحكمت عليهم بالإعدام وقد تم تخفيف هذه العقوبة إلى السجن المؤبد عن 23 منهم مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة، محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير
|
محمد خليل جمجوم: من مدينة الخليل، تلقى دراسته الابتدائية فيها، وعندما خرج إلى الحياة العامة، عاش الانتداب وبدايات الاحتلال، عرف بمقاومته ورفضه للإحتلال، فكان يتقدم المظاهرات إحتجاجاً على إغتصاب أراضي العرب، وكانت مشاركته في ثورة العام 1926 دفاعاً عن المسجد الأقصى ما جعل القوات البريطانية تقدم على إعتقاله.
قبر الشهيد محمد خليل جمجومفؤاد حجازي: أصغر الشهداء الثلاثة سنًا المولود في مدينة صفد، تلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الاسكتلندية وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت، عرف منذ صغره بشجاعته وحبه لوطنه، شارك مشاركة فعالة في مدينته في الثورة التي عمت أنحاء فلسطين عقب أحداث الثورة.
قبر الشهيد فؤاد حجازي
عطا الزير: من مواليد مدينة الخليل، ألم بالقراءة والكتابة إلماماً بسيطاً، عمل عطا الزير في عدة مهن يدوية وإشتغل في الزراعة وعرف عنه منذ صغره جرأته وقوته الجسدية وإشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل إحتجاجاً على هجرة الصهاينة إلى فلسطين لا سيما إلى مدينة الخليل، وفي ثورة البراق هب عطا الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعاً عن أهله ووطنه بكل ما لديه من قوة.
قبر الشهيد عطا الزير
حدد يوم 17/6/1930 موعداً لتنفيذ حكم الإعدام بحق الأبطال الثلاثة الذين سطروا في هذا اليوم أروع قصيدة وأعظم ملحمة، في هذا اليوم تحدى ثلاثهم الخوف من الموت إذ لم يكن يعني لهم شيئاً بل على العكس تزاحم ثلاثتهم للقاء ربهم. كان محمد جمجوم يزاحم عطا الزير ليأخذ دوره غير آبه، وكان له ما أراد. أما عطا وهو الثالث، طلب أن ينفذ حكم الإعدام به دون قيود إلا أن طلبه رفض فحطم قيده وتقدم نحو المشنقة رافع الرأس منشرح الوجه.
وفي الساعة التاسعة من نفس اليوم نفذ حكم الإعدام بمحمد جمجوم الذي كان ثاني قافلة الشهداء وقبل ساعة من موعد تنفيذ الحكم، إستقبل محمد جمجوم وفؤاد حجازي زائرين أخذو هم بتعزيتهم وتشجيعهم فقال محمد جمجوم "الحمد لله أننا الذين لا أهمية لنا نذهب فداء الوطن لا أولئك الرجال الذين يستفيد الوطن من جهودهم وخدماتهم" وطلب مع رفيقه فؤاد حجازي "الحنَّاء" ليخضبا ايديهما كعادة أهل الخليل في أعراسهم.أما فؤاد حجازي وهو أول القافلة يقول لزائريه: "إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الانكليز على الأمة العربية الكريمة فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً ". وقد كتب فؤاد وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها في اليوم التالي وقد قال في ختامها: "إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وإبتهاج، وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة. إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية".
وهكذا أعدم الثلاثة، وتركوا الدنيا لأهل الدنيا، ومضوا يحملون جهادهم في سبيل مقدساتهم عملاً صالحاً يقابلون به وجه ربهم، تركوا دماءهم تقبل وجه هذه الأرض فتزهر ورداً أحمر، شجراً واقفاً أخضر وشهيداً تلو شهيد وشلال الدم الأغزر.