عندما بدأ جبريل عليه الصلاة والسلام بالإيحاء إلى رسول الله صلى الله عليه برسالات ربه ، جاء إلى أهله بردانا وجلا ، فأتت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بورقة بن نوفل ، فقال ورقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن سمع منه حادثته : إنه الناموس الذي كان يأتي على موسى ، وليتني أكون معك عندما يخرجك قومك . فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : أوَ مخرجيّ هم ؟ قال ورقة : نعم ، لم يأت أحد بما أتيت به إلا عودي .
كلمة ستقاتلك عليها العرب والعجم يا رسول الله ، وبالفعل قاتلوك وعادوك وأخرجوك من دارك ، وأصحابَك . وما من أحد حمل هذه الرسالة ، وقال بمثل ما قلت إلا وأصابه بعض ما أصابك ، فصلوات ربي عليك وسلامه ، وعذرا إلى الله عما فعل السفهاء من القوم .
تعج سجون البلاد العربية والبلاد التي يسكنها المسلمون ، تعج بالمسلمين ، لا لذنب إقتفرفوه ، ولكن لأنهم جاءوا بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صدعوا بالحق ، قالوا قولا كريما ، يخرجون الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، يدعونهم لمكارم الأخلاق ، وينهونهم عن الفحشاء والمنكر والبغي ، يحذرونهم من الثعالب التي تروغ منهم تحت شعار المساعدات .
سبيل الله عز وجل واحد ، والطريق إليه واحد ، كما أن سبيل الطاغوت واحد ولكن سبله كثيرة وواسعة ، وهذا مصداقا لقوله تعالى : ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) فصراط الله عز وجل واحد ، ولكن سبل الشيطان والطاغوت كثيرة .
فإن لم يكن أحدنا في صراط الله عز وجل ، فهو قطعا في سبيل الطاغوت والشيطان .
أيها المسلمون : إن على كل منا أن يحذر ، ويفكر ، ويفحص ، ويزن أعماله وأقواله بميزان رب العالمين ، ويرى نفسه أين يقف و ماذا يعمل ؟ هل يؤذي المسلمين وينتقم منهم من أجل اوامرٍ جاءته من سيده الإنسان ، ونسي الأوامر التي جاءته من رب الإنسان ، بحرمة الإعتداء على المسلمين ، وحرمة التنكيل فيهم ، وحرمة التجسس عليهم ، وحرمة مظاهرة الكفار عليهم ، فإن كان ذلك - والعياذ بالله لنا ولكم - فإن كان يطيع سيده الإنسان بما لا يرضى رب الإنسان ، فهو في صف الطاغوت والشيطان ، فليتربص حتى يأتي الله بأمره